كيف تجعل ذاكرتك حديدية
كيف تجعل ذاكرتك حديدية؟
هل تعرف إمام الأمة أبا عبدالله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري؟ ومن منا لا يعرفه، ولكن هل تعرف أنه اشتهر بقوة الحفظ، وأنعم الله عليه بذاكرة حديدية؟ وإليك قصة اختبار أهل بغداد له ـ رحمه الله ـ يوم أن أعدوا له عشرة طلاب، كل منهم قد حفظ عشرة أحاديث بشكل مغلوط، وصورة الغلط هي خلط متون الأحاديث (نص الحديث) بأسانيدها (سلسلة رواة الأحاديث)، ولما حضر الإمام روى له الطالب الأول الأحاديث العشرة المغلوطة، وكلما روى له حديثًا، يقول الإمام البخاري لم أسمع بهذا، أما العلماء فقالوا: لننظر في أمر هذا الرجل، وأما الجهال فقالوا: إن الرجل لا يعرف شيئًا.
وهكذا سرد عشرة طلاب مائة حديث مغلوط، ولما انتهوا قال الإمام البخاري للطالب الأول ذكرت الحديث الفلاني، وروى الحديث له بمتنه، وذكرت أنه عن فلان، وروى له السند الذي رواه الطالب، والحديث ليس كذلك، بل هو عن فلان عن فلان، وصحح له الحديث، وهكذا حتى صحح الأحاديث العشرة، بحيث نقل المتون إلى أسانيدها الصحيحة، واستمر في تصحيحه لكل طالب حتى انتهى من المائة حديث المغلوطة.
فهيا يا حفيد الإمام البخاري؛ لنجعل لنا من قوة الذاكرة جسرًا نحو تحقيق أهدافنا، وإنجاز مهام حياتنا بكفاءة وفاعلية.
سبحان الله.
فلقد أودع المولى تبارك وتعالى فيك ـ عزيزي القارئ ـ من الإمكانيات العقلية الكثير، فكما يحكي الدكتور نجيب الرفاعي عن البروفسور مارك روزنزن ويج من جامعة كاليفورنيا، الذي أمضى سنوات طوال يدرس فيها قدرة التخزين لدى الذاكرة البشرية، فاكتشف في هذا البحث الطويل أن قدرة التخزين لدى الإنسان هائلة بل هائلة جدًا، فلو تم تغذية المخ بمعلومات جديدة بواقع عشر معلومات في كل ثانية ولمدة سنة دون توقف من ليل أو نهار؛ فإن مقدار ما تم تغذيته في مخ الإنسان من المعلومات يعادل أقل من نصف المساحة المخصصة لتخزين المعلومات فيه، فلا يملك اللسان بعد ذلك سوى حمد الله والثناء عليه؛ لأجل تلك النعمة العظيمة، نعمة الذاكرة.
كنز ينتظر من يفتحه.
بل إن الذاكرة البشرية مثلها كمثل قناة مائية حُفِرَتْ، ولكنها تنتظر من يملؤها بالماء، فكذلك الذاكرة تنتظر من يملؤها بالمعلومات والبيانات المفيدة، فهي تعد من أهم أملاك الإنسان في الحياة، فكما يقول أليكساندر سميث: (إن أملاك الإنسان الحقيقية هي ذاكرته، بها فقط يكون غنيًا، وبدونها يكون فقيرًا).
وانظر قد أجاد التعامل مع ذاكرته، فباتت كأنها مفكرة يحملها معه أينما ارتحل، إنه صحفي روسي يدعى سولون منيوف، وهو الذي تكمن قوة ذاكرته في حفظ المحاضرات والندوات، فعندما كان في العشرين من عمره يعمل صحفيًّا لدى إحدى الصحف المحلية، وذات يوم من الأيام حضر مؤتمرًا مع مديره المباشر، والذي لاحظ أنه لا يكتب أيَّة ملاحظات البتة، ولما تحداه مديره بأن يتذكر ما قيل في المؤتمر، استطاع تذكر كل كلمة قيلت فيه.
ولكن لماذا ننسى؟
هل قابلت أحدًا من قبل فسألته عن اسمه، ثم قابلته بعد أيام قلائل فلم تتذكر اسمه؟ هل يصعب عليك تذكر أرقام هواتف أصدقائك؟ هل تجد عناءً في تذكر كلمة السر الخاصة ببريدك الألكتروني مثلًا؟ كثيرًا ما نتعرض لمثل هذه المواقف، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا ننسى؟ وللنسيان أسباب عدة من أهمها ما يلي:
1. أسباب نفسية: قد ترجع لرفض العقل اللاواعي لتذكر بعض الأمور؛ بسبب ارتباطها الوثيق بذكريات مؤلمة، كأن يكون اسم الشخص مرتبطًا بذكريات مؤلمة، أو عدم تذكر مكان ما؛ لارتباطه بحدث غير سار أو حزين، أو مواقف مؤلمة مرت بالشخص فيه.
2. أسباب اجتماعية: وذلك نظراً لانشغال الفكر بأكثر من عمل واحد في نفس الوقت، ولما يتسم به عصرنا من السرعة والتطور في جريان الأحداث، بشكل لايتمكن العقل فيه من استيعاب مجموعة من الأمور في وقت واحد، فنجد أننا نرهق ذاكرتنا بتحميلها فوق طاقتها، حيث نجد أننا قد نسأل شخصًا عن اسمه، ونحن نتحدث مع شخص آخر، وهذا يجعل الذاكرة تهمل أمر تخزين الاسم؛ لانشغالها بأمر آخر.
3. أسباب فسيولوجية: كالإرهاق الجسدي والنفسي اللذان يقللان من قدرة الفرد على استيعاب الأمور؛ وبالتالي عدم القدرة على استرجاعها.
خريطة الطريق.
ومن أكثر الأسئلة التي تراود أذهاننا هي ما الآلية التي تعمل بها ذاكرتنا؟ ونجيبك بأن عملية التذكر تمر بمراحل ثلاث، وهي:
1. مرحلة الانتباه والتركيز: هي المرحلة التي تمر بها المعلومات في الذاكرة، ويتم التركيز عليها، وأخذ الانطباع عنها داخل المخ، والتفكير فيها لفتره من الزمن.
2. مرحلة التخزين والاحتفاظ بالمعلومات: وهي المرحلة التي تخزن فيها المعلومات، وتوضع في الذاكرة، ويتم الاحتفاظ بها داخل المخ.
3. مرحلة الاسترجاع: وهي المرحلة التي يحاول فيها الإنسان أن يستعيد المعلومات، ويسترجعها مرة أخرى بذكرها وإخراجها من الذاكرة إلى خارج المخ.
مفاتيح الكنز.
وإليك الطريق نحو ذاكرة حديدية، من خلال بعض تلك النصائح التي نسوقها لك:
المفتاح الأول: اجعل ذهنك حاضرًا.
1. استرخِ: دائمًا ما يكون التذكر أصعب إذا كنت تشعر بالتوتر أو القلق، خذ نفسًا عميقًا عدة مرات، وأرخِ عضلاتك.
2. انتبه: فالناس بطبعها تنتبه لما يثير اهتمامها، فمثلًا إذا كان عليك أن تتذكر ما تقرأ، حاول أن تجد غرفة للقراءة بعيدة عما يشتت الانتباه.
3. كن قارئًا ناقدًا: فإذا أردت تذكر مادة مكتوبة، فعليك أن تقرأ كل جملة كما يفعل الناقد، بعين تبحث عن أي تضارب أو أخطاء؛ لأن هذا سيمنحك تركيزًا أقوى على ما قرأته من معلومات، وبالتالي تستطيع تذكر ما قرأته بطريقة جيدة.
4. استخدم حواسك: إذا كنت ترغب حقيقة في تذكر شيء ما، استخدم كل ما تستطيع من الحواس، اللمس، والتذوق، والسمع، والبصر، والشم؛ فإن ذلك يساعدك في طبع ما تريد تذكره في ذهنك، فلو ضربنا لك مثلًا بطالب يذاكر بالقراءة، والكتابة، والترديد بصوت عالٍ، فسوف تجد أن معدل تذكره وتحصيله أكثر من طالب آخر يقتصر على القراءة وحدها؛ ذلك لأن الطالب الأول استخدم حاسة السمع والبصر، بينما اقتصر الآخر على حاسة السمع فقط.
المفتاح الثاني: اجعل صحتك البدنية أفضل.
1. اشرب كمية كبيرة من الماء: فإن لنقص الماء في الجسم أثرًا مباشرًا وعميقًا على الذاكرة؛ حيث يمكن للجفاف أن يؤدي إلى تشوش الذهن، ومشاكل التفكير الأخرى.
2. تناول غذاءً صحيًّا: بحيث يتكون من العناصر الغذائية الرئيسة كالبروتينات في اللحوم والبيض، والكربوهيدرات (النشويات) في الخبز، ومادة الكولين في الكبد، وفول الصويا، وبيض السمك؛ فهي تساعد في زيادة مادة الأسيتايل كولين، وهي مادة كميائية في الدماغ هامة جدًا لعمليات التذكر.
3. لا تفرط في تناول الطعام: لا يُحَبَّذْ أن تتناول كميات كبيرة من الطعام قبل بدء التفكير في مهمة ما؛ فامتلاء المعدة يعيق الأداء ويشتت الذهن، بل احرص على تناول وجبات خفيفة فقط.
4. النوم والذاكرة: وللحصول على أفضل أداء للذاكرة، من المهم أن يحصل الدماغ على قدر كاف من النوم والراحة؛ فالدماغ لا ينام أثناء الليل كما يفعل باقي أعضاء الجسم، فهو يقوم بمراجعة وتخزين المعلومات؛ فقلة ساعات النوم لا تؤثر على عمليات تخزين المعلومات في الدماغ أثناء النوم فحسب، بل إنها تؤثر على التعلم خلال ساعات اليقظة أيضًا.
5. الكافيين والذاكرة: في حين أن كمية من الكافيين في القهوة أو الشاي تعد منشطًا خفيفًا، يمكنه أن يبقيك مستيقظًا وقادرًا على الانتباه، إلا أنه يحتمل أيضًا أن يؤدي إلى تأثير سلبي على الذاكرة؛ لأنها تؤدي إلى القلق الذي يؤثر على وظائف الذاكرة.
المفتاح الثالث: احتفظ بما تريد تذكره.
1. احتفظ بدفتر يوميات: إذا كنت تواجه مشكلة في تذكر المواعيد، تأكد من تسجيلها كلها في دفتر اليوميات، وكن منتظمًا على ذلك، واحتفظ بالدفتر في نفس المكان، وسجل كافة المواعيد، واحرص على التأكد من الدفتر بشكل يومي.
2. اكتب ملاحظات: وذلك للتذكير، واتركها في مكان بارز.
3. كتابة ماحفظته أو تريد تذكره: وقد جاء في الحديث: ((قيدوا العلم بالكتاب)) [صححه الألباني في الصحيحة]، وكما أنشد الشاعر:
العلم صيد والكتابة قيده قيد صيودك بالحبال الموثقة
المفتاح الرابع: تعلم بعض مهارات تقوية الذاكرة.
1. مهارة الربط: اربط ما تود حفظه أو تذكره بصورة تذكرك به، فعن علي رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قل اللهم اهدني وسددني، واذكر بالهدى هدايتك الطريق، والسداد سداد السهم)) [رواه مسلم]، فربط حفظ هذا الدعاء بشي محسوس فلا ينسى، فربط الهداية بهداية الطريق، وربط السداد بتسديد السهم.
2. مهارة الترميز: وفيها تستخدم أحد حروف الكلمات التي تود تذكرها كإشارة لتذكر بها، فمثلًا إن أردت أن تحفظ ألوان الطيف السبعة، فعليك أن تتذكر كلمة واحدة، وهي (حرص خزين)؛ فالحاء تدل على أحمر، والراء على برتقالي، والصاد على أصفر، الخاء على أخضر، والزاي على أزرق، والياء على نيلي، والنون على البنفسجي.
3. مهارة تذكر الأسماء: قم بربط اسم الشخص الذي تقابله بشيء مميز، بأن تبحث عن ملامح مميزة فيه، كأن يكون شعره طويلًا، أو ذا رموش طويلة، أو أنفه معقوفة، ثم اختر أكثر ملمح مميز، ولتكن الرموش الطويلة، واربط بين هذا الملمح وبين اسم الشخص وليكن محمد، بحيث إذا قابلته مرة أخرى، ورأيت رموشه الطويلة، ستتذكر اسم محمد.
وبهذا نكون قد انتهينا من بعض تلك النصائح الهامة، والتي نسأل الله أن تعينك في الحصول على ذاكرة قوية؛ تكون وقودًا لنجاحك، وعاملًا مساعدًا على تميزك إن شاء الله.
هل تعرف إمام الأمة أبا عبدالله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري؟ ومن منا لا يعرفه، ولكن هل تعرف أنه اشتهر بقوة الحفظ، وأنعم الله عليه بذاكرة حديدية؟ وإليك قصة اختبار أهل بغداد له ـ رحمه الله ـ يوم أن أعدوا له عشرة طلاب، كل منهم قد حفظ عشرة أحاديث بشكل مغلوط، وصورة الغلط هي خلط متون الأحاديث (نص الحديث) بأسانيدها (سلسلة رواة الأحاديث)، ولما حضر الإمام روى له الطالب الأول الأحاديث العشرة المغلوطة، وكلما روى له حديثًا، يقول الإمام البخاري لم أسمع بهذا، أما العلماء فقالوا: لننظر في أمر هذا الرجل، وأما الجهال فقالوا: إن الرجل لا يعرف شيئًا.
وهكذا سرد عشرة طلاب مائة حديث مغلوط، ولما انتهوا قال الإمام البخاري للطالب الأول ذكرت الحديث الفلاني، وروى الحديث له بمتنه، وذكرت أنه عن فلان، وروى له السند الذي رواه الطالب، والحديث ليس كذلك، بل هو عن فلان عن فلان، وصحح له الحديث، وهكذا حتى صحح الأحاديث العشرة، بحيث نقل المتون إلى أسانيدها الصحيحة، واستمر في تصحيحه لكل طالب حتى انتهى من المائة حديث المغلوطة.
فهيا يا حفيد الإمام البخاري؛ لنجعل لنا من قوة الذاكرة جسرًا نحو تحقيق أهدافنا، وإنجاز مهام حياتنا بكفاءة وفاعلية.
سبحان الله.
فلقد أودع المولى تبارك وتعالى فيك ـ عزيزي القارئ ـ من الإمكانيات العقلية الكثير، فكما يحكي الدكتور نجيب الرفاعي عن البروفسور مارك روزنزن ويج من جامعة كاليفورنيا، الذي أمضى سنوات طوال يدرس فيها قدرة التخزين لدى الذاكرة البشرية، فاكتشف في هذا البحث الطويل أن قدرة التخزين لدى الإنسان هائلة بل هائلة جدًا، فلو تم تغذية المخ بمعلومات جديدة بواقع عشر معلومات في كل ثانية ولمدة سنة دون توقف من ليل أو نهار؛ فإن مقدار ما تم تغذيته في مخ الإنسان من المعلومات يعادل أقل من نصف المساحة المخصصة لتخزين المعلومات فيه، فلا يملك اللسان بعد ذلك سوى حمد الله والثناء عليه؛ لأجل تلك النعمة العظيمة، نعمة الذاكرة.
كنز ينتظر من يفتحه.
بل إن الذاكرة البشرية مثلها كمثل قناة مائية حُفِرَتْ، ولكنها تنتظر من يملؤها بالماء، فكذلك الذاكرة تنتظر من يملؤها بالمعلومات والبيانات المفيدة، فهي تعد من أهم أملاك الإنسان في الحياة، فكما يقول أليكساندر سميث: (إن أملاك الإنسان الحقيقية هي ذاكرته، بها فقط يكون غنيًا، وبدونها يكون فقيرًا).
وانظر قد أجاد التعامل مع ذاكرته، فباتت كأنها مفكرة يحملها معه أينما ارتحل، إنه صحفي روسي يدعى سولون منيوف، وهو الذي تكمن قوة ذاكرته في حفظ المحاضرات والندوات، فعندما كان في العشرين من عمره يعمل صحفيًّا لدى إحدى الصحف المحلية، وذات يوم من الأيام حضر مؤتمرًا مع مديره المباشر، والذي لاحظ أنه لا يكتب أيَّة ملاحظات البتة، ولما تحداه مديره بأن يتذكر ما قيل في المؤتمر، استطاع تذكر كل كلمة قيلت فيه.
ولكن لماذا ننسى؟
هل قابلت أحدًا من قبل فسألته عن اسمه، ثم قابلته بعد أيام قلائل فلم تتذكر اسمه؟ هل يصعب عليك تذكر أرقام هواتف أصدقائك؟ هل تجد عناءً في تذكر كلمة السر الخاصة ببريدك الألكتروني مثلًا؟ كثيرًا ما نتعرض لمثل هذه المواقف، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا ننسى؟ وللنسيان أسباب عدة من أهمها ما يلي:
1. أسباب نفسية: قد ترجع لرفض العقل اللاواعي لتذكر بعض الأمور؛ بسبب ارتباطها الوثيق بذكريات مؤلمة، كأن يكون اسم الشخص مرتبطًا بذكريات مؤلمة، أو عدم تذكر مكان ما؛ لارتباطه بحدث غير سار أو حزين، أو مواقف مؤلمة مرت بالشخص فيه.
2. أسباب اجتماعية: وذلك نظراً لانشغال الفكر بأكثر من عمل واحد في نفس الوقت، ولما يتسم به عصرنا من السرعة والتطور في جريان الأحداث، بشكل لايتمكن العقل فيه من استيعاب مجموعة من الأمور في وقت واحد، فنجد أننا نرهق ذاكرتنا بتحميلها فوق طاقتها، حيث نجد أننا قد نسأل شخصًا عن اسمه، ونحن نتحدث مع شخص آخر، وهذا يجعل الذاكرة تهمل أمر تخزين الاسم؛ لانشغالها بأمر آخر.
3. أسباب فسيولوجية: كالإرهاق الجسدي والنفسي اللذان يقللان من قدرة الفرد على استيعاب الأمور؛ وبالتالي عدم القدرة على استرجاعها.
خريطة الطريق.
ومن أكثر الأسئلة التي تراود أذهاننا هي ما الآلية التي تعمل بها ذاكرتنا؟ ونجيبك بأن عملية التذكر تمر بمراحل ثلاث، وهي:
1. مرحلة الانتباه والتركيز: هي المرحلة التي تمر بها المعلومات في الذاكرة، ويتم التركيز عليها، وأخذ الانطباع عنها داخل المخ، والتفكير فيها لفتره من الزمن.
2. مرحلة التخزين والاحتفاظ بالمعلومات: وهي المرحلة التي تخزن فيها المعلومات، وتوضع في الذاكرة، ويتم الاحتفاظ بها داخل المخ.
3. مرحلة الاسترجاع: وهي المرحلة التي يحاول فيها الإنسان أن يستعيد المعلومات، ويسترجعها مرة أخرى بذكرها وإخراجها من الذاكرة إلى خارج المخ.
مفاتيح الكنز.
وإليك الطريق نحو ذاكرة حديدية، من خلال بعض تلك النصائح التي نسوقها لك:
المفتاح الأول: اجعل ذهنك حاضرًا.
1. استرخِ: دائمًا ما يكون التذكر أصعب إذا كنت تشعر بالتوتر أو القلق، خذ نفسًا عميقًا عدة مرات، وأرخِ عضلاتك.
2. انتبه: فالناس بطبعها تنتبه لما يثير اهتمامها، فمثلًا إذا كان عليك أن تتذكر ما تقرأ، حاول أن تجد غرفة للقراءة بعيدة عما يشتت الانتباه.
3. كن قارئًا ناقدًا: فإذا أردت تذكر مادة مكتوبة، فعليك أن تقرأ كل جملة كما يفعل الناقد، بعين تبحث عن أي تضارب أو أخطاء؛ لأن هذا سيمنحك تركيزًا أقوى على ما قرأته من معلومات، وبالتالي تستطيع تذكر ما قرأته بطريقة جيدة.
4. استخدم حواسك: إذا كنت ترغب حقيقة في تذكر شيء ما، استخدم كل ما تستطيع من الحواس، اللمس، والتذوق، والسمع، والبصر، والشم؛ فإن ذلك يساعدك في طبع ما تريد تذكره في ذهنك، فلو ضربنا لك مثلًا بطالب يذاكر بالقراءة، والكتابة، والترديد بصوت عالٍ، فسوف تجد أن معدل تذكره وتحصيله أكثر من طالب آخر يقتصر على القراءة وحدها؛ ذلك لأن الطالب الأول استخدم حاسة السمع والبصر، بينما اقتصر الآخر على حاسة السمع فقط.
المفتاح الثاني: اجعل صحتك البدنية أفضل.
1. اشرب كمية كبيرة من الماء: فإن لنقص الماء في الجسم أثرًا مباشرًا وعميقًا على الذاكرة؛ حيث يمكن للجفاف أن يؤدي إلى تشوش الذهن، ومشاكل التفكير الأخرى.
2. تناول غذاءً صحيًّا: بحيث يتكون من العناصر الغذائية الرئيسة كالبروتينات في اللحوم والبيض، والكربوهيدرات (النشويات) في الخبز، ومادة الكولين في الكبد، وفول الصويا، وبيض السمك؛ فهي تساعد في زيادة مادة الأسيتايل كولين، وهي مادة كميائية في الدماغ هامة جدًا لعمليات التذكر.
3. لا تفرط في تناول الطعام: لا يُحَبَّذْ أن تتناول كميات كبيرة من الطعام قبل بدء التفكير في مهمة ما؛ فامتلاء المعدة يعيق الأداء ويشتت الذهن، بل احرص على تناول وجبات خفيفة فقط.
4. النوم والذاكرة: وللحصول على أفضل أداء للذاكرة، من المهم أن يحصل الدماغ على قدر كاف من النوم والراحة؛ فالدماغ لا ينام أثناء الليل كما يفعل باقي أعضاء الجسم، فهو يقوم بمراجعة وتخزين المعلومات؛ فقلة ساعات النوم لا تؤثر على عمليات تخزين المعلومات في الدماغ أثناء النوم فحسب، بل إنها تؤثر على التعلم خلال ساعات اليقظة أيضًا.
5. الكافيين والذاكرة: في حين أن كمية من الكافيين في القهوة أو الشاي تعد منشطًا خفيفًا، يمكنه أن يبقيك مستيقظًا وقادرًا على الانتباه، إلا أنه يحتمل أيضًا أن يؤدي إلى تأثير سلبي على الذاكرة؛ لأنها تؤدي إلى القلق الذي يؤثر على وظائف الذاكرة.
المفتاح الثالث: احتفظ بما تريد تذكره.
1. احتفظ بدفتر يوميات: إذا كنت تواجه مشكلة في تذكر المواعيد، تأكد من تسجيلها كلها في دفتر اليوميات، وكن منتظمًا على ذلك، واحتفظ بالدفتر في نفس المكان، وسجل كافة المواعيد، واحرص على التأكد من الدفتر بشكل يومي.
2. اكتب ملاحظات: وذلك للتذكير، واتركها في مكان بارز.
3. كتابة ماحفظته أو تريد تذكره: وقد جاء في الحديث: ((قيدوا العلم بالكتاب)) [صححه الألباني في الصحيحة]، وكما أنشد الشاعر:
العلم صيد والكتابة قيده قيد صيودك بالحبال الموثقة
المفتاح الرابع: تعلم بعض مهارات تقوية الذاكرة.
1. مهارة الربط: اربط ما تود حفظه أو تذكره بصورة تذكرك به، فعن علي رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قل اللهم اهدني وسددني، واذكر بالهدى هدايتك الطريق، والسداد سداد السهم)) [رواه مسلم]، فربط حفظ هذا الدعاء بشي محسوس فلا ينسى، فربط الهداية بهداية الطريق، وربط السداد بتسديد السهم.
2. مهارة الترميز: وفيها تستخدم أحد حروف الكلمات التي تود تذكرها كإشارة لتذكر بها، فمثلًا إن أردت أن تحفظ ألوان الطيف السبعة، فعليك أن تتذكر كلمة واحدة، وهي (حرص خزين)؛ فالحاء تدل على أحمر، والراء على برتقالي، والصاد على أصفر، الخاء على أخضر، والزاي على أزرق، والياء على نيلي، والنون على البنفسجي.
3. مهارة تذكر الأسماء: قم بربط اسم الشخص الذي تقابله بشيء مميز، بأن تبحث عن ملامح مميزة فيه، كأن يكون شعره طويلًا، أو ذا رموش طويلة، أو أنفه معقوفة، ثم اختر أكثر ملمح مميز، ولتكن الرموش الطويلة، واربط بين هذا الملمح وبين اسم الشخص وليكن محمد، بحيث إذا قابلته مرة أخرى، ورأيت رموشه الطويلة، ستتذكر اسم محمد.
وبهذا نكون قد انتهينا من بعض تلك النصائح الهامة، والتي نسأل الله أن تعينك في الحصول على ذاكرة قوية؛ تكون وقودًا لنجاحك، وعاملًا مساعدًا على تميزك إن شاء الله.
No comments:
Post a Comment